للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو أذُنٌ) هذا نوع آخر مما حكاه الله من فضائح المنافقين وقبائحهم وذلك أنهم كانوا يقولون للنبي صلى الله عليه وسلم على وجه الطعن والذم هو أذن.

قال الجوهري: يقال رجل أذن إذا كان يسمع مقال كل أحد، يستوي فيه الواحد والجمع ومرادهم أقمأهم الله أنهم إذا آذوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبسطوا فيه ألسنتهم وبلغه ذلك اعتذروا له وقَبِل ذلك منهم، لأنه يسمع كل ما يقال له فيصدقه، وإنما أطلقت العرب على من يسمع ما يقال له فيصدقه أنه أذن مبالغة لأنهم سموه بالجارحة التي هي آلة السماع حتى كأن جملته أذن سامعة، ونظيره قولهم للربيئة أي الطليعة عين.

وفي إطلاق الأذن عليه مجاز مرسل من إطلاق اسم الجزء على الكل للمبالغة في استماعه وإيذاؤهم له هو قولهم أذن لأنهم نسبوه إلى أنه يصدق كلما يقال له ولا يفرق بين الصحيح والباطل اغتراراً منهم بحلمه عنهم وصفحه عن جناياتهم كرماً وحلماً وتغاضياً.

ثم أجاب الله عن قولهم هذا فقال: (قل) هو (أذن خير) بالإضافة وقرئ بالتنوين كأنه قيل نعم هو أذن ولكن نعم الأذن هو لكونه أذن خير (لكم) وليس بأذن في غير ذلك كقولهم رجل صدق يريدون الجودة والصلاح والمعنى أنه يسمع الخير ولا يسمع الشر.

(يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين) أي يصدق بالله ويصدق المؤمنين لما علم فيهم من خلوص الإيمان ويقبل قولهم ويسلم ويرضى لهم ولا يقبل قول

<<  <  ج: ص:  >  >>