(ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء) نهى عما كانت عليه الجاهلية من نكاح نساء آبائهم إذا ماتوا، وهو شروع في بيان من يحرم نكاحه من النساء ومن لا يحرم، وإنما خص هذا النكاح بالنهي ولم ينتظم في سلك نكاح المحرمات الآتية مبالغة في الزجر عنه حيث كانوا مصرين على تعاطيه.
ومن المعلوم أن المحرمات بالمصاهرة أربع: زوجة الأب وزوجة الأبن وأم الزوجة وبنت الزوجة، وكلها يحصل فيه التحريم بمجرد العقد وإن لم يحصل دخول إلا الربيبة فلا تحريم إلا بشرط الدخول بأمها وهذا يستفاد من الآيات فإنها لم تقيد بالدخول إلا في الربيبة على ما سيأتي. والمراد آباؤكم من نسب أو رضاع.
(إلا ما قد سلف) استثناء منقطع لأن الماضي لا يستثنى من المستقبل أي لكن ما قد سلف في الجاهلية فاجتنبوه ودعوه فإنه مغفور عنه، وقيل إلا بمعنى بعد أي بعد ما سلف وقيل المعنى ولا ما سلف، وقيل هو استثناء متصل من قوله ما نكح آباؤكم يفيد المبالغة في التحريم بإخراج الكلام مخرج التعليق بالمحال، يعني إن أمكنكم أن تنكحوا ما قد سلف فانكحوا فلا يحل لكم غيره.
وقيل معناه إلا ما سلف من الأب في الجاهلية من الزنا بإمرأة فإنه يجوز للإبن تزوجها قاله ابن زيد. والأول أولى.
ثم بين سبحانه وجه النهي عنه فقال (إنه كان فاحشة ومقتاً) هذه الجملة تدل على أنه من أشد المحرمات وأقبحها، وقد كانت الجاهلية تسميه بنكاح المقت، قال ثعلب سألت ابن الإعرابي عن نكاح المقت فقال: هو أن