(إنما يؤمن بآياتنا) مستأنفة لبيان من يستحق الهداية إلى الإِيمان ومن لا يستحقها، والمعنى: إنما يصدّق بآياتنا وينتفع بها (الذين إذا ذكروا بها) لا غيرهم ممن يذكر بها أي: يوعظ بها، ولا يتذكر، ولا يؤمن بها.
(خروا سجداً) أي: سقطوا على وجوههم ساجدين تعظيماً لآيات الله، وخوفاً من سطوته وعذابه وتواضعاً، وخشوعاً، وشكراً على ما رزقهم من الإسلام.
(وسبحوا بحمد ربهم) أي نزَّهوه عن كل ما لا يليق به متلبسين بحمده على نعمه، التي أجلُّها وأكملها الهداية إلى الإيمان بالآيات، قال ابن عباس: نزلت هذه الآية في شأن الصلوات الخمس، ومعنى الآية قالوا في سجودهم، سبحان الله وبحمده، أو سبحان ربي الأعلى وبحمده.
وقال سفيان: المعنى صلوا حمداً لربهم (وهم لا يستكبرون) عن الإيمان به، والسجود له كما استكبر أهل مكة عن السجود، أي حال كونهم خاضعين لله متذللين له، غير مستكبرين عليه.
وقال ابن عباس: لا يستكبرون عن إتيان الصلاة في الجماعات، قيل: هذه من عزائم سجود القرآن للقارىء والمستمع.
قال سليمان الجمل والمراد بالآيات في هذه الآية إن كان مطلق القرآن - وإن لم تكن فيه آية سجدة- أشكل قوله خروا سجداً فإن السجود لا يشرع لتلاوة القرآن إلا إذا كان فيه آية سجدة من آيات السجود المعروفة، وإن كان المراد بها خصوص آيات السجدات أشكل قوله إذا ذكروا بها، مع تفسير التذكير بالوعظ كما ذكروه ووجه الاشكال أن أكثر آيات السجدات بل كلها ليس فيها وعظ أي تخويف وتذكير بالعواقب، إذ هذا حقيقة الوعظ بل غالبها لمدح الساجدين تصريحاً وذم غيرهم تلويحاً كهذه الآية، وقد يكون بعكس ذلك أي ذم غير الساجدين تصريحاً، ومدح الساجدين تلويحاً، كآية الانشقاق، فليتأمل فلم نر من المفسرين من بيَّن هذا، ولا من تعرض له انتهى.