(فأوجس منهم خيفة) أي أحس في نفسه خوفاً منهم لما لم يأكلوا مما قربه إليهم، وقيل: معنى أوجس أضمر، وإنما وقع له ذلك لما لم يتحرموا بطعامه، ومن أخلاق الناس أن من أكل من طعام إنسان صار آمناً منه، فظن إبراهيم أنهم جاؤوا للشر، ولم يأتوا للخير، وفي زاده أن الإنكار الحاصل قبل تقريب العجل كما مر في هود بمعنى عدم العلم بأنهم من أي بلدة، والإنكار الحاصل بعده بمعنى عدم العلم بأنهم دخلوا عليه لقصد الخير أو الشر، فإن من امتنع من تناول الطعام يخاف من شره، وقيل: إنه وقع في قلبه أنهم ملائكة، فلما رأوا ما ظهر عليه من أمارات الخوف (قالوا لا تخف) وأعلموه أنهم ملائكة مرسلون إليه من جهة الله سبحانه.
(وبشروه بغلام عليم) أي ذي علم كثير عند أن يبلغ مبالغ الرجال والمبشر به عند الجمهور هو إسحق وقال مجاهد وحده: إنه إسماعيل وهو مردود بقوله: (وبشرناه بإسحق) وقد قدمنا تحقيق هذا الكلام في هود بما لا يحتاج الناظر فيه إلى غيره