(فإذا انسلخ الأشهر الحرم) انسلاخ الشهر تكامله جزءاً فجزءاً إلى أن ينقضي كانسلاخ الجلد عما يحويه، شبه خروج المتزمن عن زمانه بانفصال المتمكن عن مكانه، وأصله الانسلاخ الواقع بين الحيوان وجلده فاستعير لانقضاء الأشهر، يقال سلخت المرأة درعها نزعته، وفي التنزيل (وآية لهم الليل نسلخ منه النهار) قال الخفاجي: السلخ يستعمل تارة بمعنى الكشط، كسلخت الإهاب عن الشاة، أي نزعته عنها، وأخرى بمعنى الإخراج كسلخت الشاة عن الإهاب أي أخرجتها منه، فإطلاق الانسلاخ على الأشهر استعارة من المعنى الأول فإن الزمان ظرف محيط بالأشياء كالإهاب، والبيضاوي جعله من الثاني، كأنه لما انقضى أخرج من الأشياء الموجودة كذا قيل، ومثل انسلخ انجرد وسنة جرداء تامة اهـ.
واختلف العلماء في تعيين الأشهر الحرم المذكورة هاهنا، فقيل هي الأشهر الحرم المعروفة التي هي ذو القعدة وذو الحجة ومحرم ورجب، ثلاثة سرد، وواحد فرد، ومعنى الآية على هذا وجوب الإمساك عن قتال من لا عهد له من المشركين في هذه الأشهر الحرم.
وقد وقع النداء والنبذ إلى المشركين بعهدهم يوم النحر، فكان الباقي من الأشهر الحرم التي هي الثلاثة المسرودة خمسين يوماً تنقضي بانقضاء شهر المحرم فأمرهم الله بقتل المشركين حيث يوجدون، وبه قال جماعة من أهل العلم منهم الضحاك والباقر، وروي عن ابن عباس واختاره ابن جرير.
وقيل المراد بها شهور العهد المشار إليها بقوله: (فأتموا إليهم عهدهم إلى