مدتهم) وسميت حرماً لأن الله سبحانه حرم على المسلمين فيها دماء المشركين والتعرض لهم وإلى هذا ذهب جماعة من أهل العلم منهم مجاهد وابن إسحاق وابن زيد وعمرو بن شعيب، وقيل هي الأشهر المذكورة في قوله:(فسيحوا في الأرض أربعة أشهر) وقد روي ذلك عن ابن عباس وجماعة ورجحه ابن كثير، وحكاه عن مجاهد وعمرو بن شعيب ومحمد بن إسحاق وقتادة والسدي وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم وسيأتي بيان حكم القتال في الأشهر الحرم الدائرة في كل سنة في هذه السورة إن شاء اللة تعالى.
(فاقتلوا المشركين حيث) أي في أي مكان وأي وقت (وجدتموهم) من حل أو حرم (وخذوهم) أي إئسروهم فإن الأخيذ هو الأسير (واحصروهم) أي احبسوهم في القلاع والحصون حتى يضطروا ويلجئوا إلى القتل أو الإسلام، ومعنى الحصر منعهم من التصرف في بلاد المسلمين إلا بإذن منهم، وقيل امنعوهم من دخول مكة خاصة والأول أولى.
(واقعدوا لهم كل مرصد) أي طريق يسلكونه ونصب (كل) على نزع الخافض أي على كل طريق، والمرصد الموضع الذي يرقب فيه العدو ويقعد، ويقال رصدت فلاناً أرصده أي رقبته، أي اقعدوا لهم في المواضع التي ترتقبونهم فيها لئلا ينتشروا في البلاد، والمعنى كونوا لهم رصداً حتى تأخذوهم من أي وجه توجهوا، وقيل بكل طريق مكة حتى لا يدخلوها.
وهذه الآية المتضمنة للأمر بقتل المشركين عند انسلاخ الأشهر الحرم عامة لكل مشرك لا يخرج عنها إلا من خصته السنة وهو المرأة والصبي والعاجز الذي لا يقاتل، وكذلك يخصص منها أهل الكتاب الذين يعطون الجزية على فرض تناول لفظ المشركين لهم.
وهذه الأية نسخت كل آية فيها ذكر الإعراض عن المشركين والصبر على