(قل للذين آمنوا يغفروا) أي قل لهم اغفروا يغفروا أي يعفوا ويصفحوا، قاله علي بن عيسى واختاره ابن العربي. وقيل التقدير قل لهم ليغفروا، والمعنى قل لهم ليتجاوزوا.
(للذين لا يرجون أيام الله) أي عن الذين لا يرجون وقائع الله بأعدائه أي لا يتوقعونها، ومعنى الرجاء هنا الخوف، وقيل هو على معناه الحقيقي، والمعنى لا يرجون ثوابه في الأوقات التي وقتها الله لثواب المؤمنين، والأول أولى، والأيام يعبر بها عن الوقائع كما تقدم في تفسير قوله (وذكرهم بأيام الله) قال مقاتل لا يخشون مثل عذاب الله للأمم الخالية، وذلك أنهم لا يؤمنون به، فلا يخافون عقابه وقيل المعنى لا يأملون نصر الله لأوليائه وإيقاعه بأعدائه، وقيل: لا يخافون البعث.
قيل والآية منسوخة بآية السيف والأقرب أن يقال: إنه محمول على ترك المنازعة، وعلى التجاوز فيما يصدر عنهم من الكلمات المؤذية وعن ابن عباس في الآية قال " كان نبي الله صلى الله عليه وسلم يعرض عن المشركين إذا آذوه وكانوا يستهزئون به ويكذبونه فأمره الله أن يقاتل المشركين كافة "، فكان هذا من المنسوخ والأولى القول بعدم النسخ.
(ليجزي) الله (قوماً) قرىء بالتحتية وقرىء بالنون أي لنجزي نحن، والجملة لتعليل الأمر بالمغفرة، والمراد بالقوم المؤمنون، أمروا بالمغفرة ليجزيهم الله يوم القيامة (بما كانوا يكسبون) في الدنيا من الأعمال الحسنة التي من جملتها الصبر على أذية الكفار، والإغضاء عنهم، بكظم الغيظ، واحتمال المكروه، وقيل المعنى ليجزي الكفار بما عملوا من السيئات كأنه قال لا تكافئوهم أنتم لنكافئهم نحن، قيل المراد بالقوم كلاهما فيكون التنكير للتعظيم أو التحقير أو التنويع والأول أولى، ثم ذكر المؤمنين وأعمالهم والمشركين وأعمالهم فقال: