(مسوَّمة) معلمة أي التي لها علامة حال من حجارة، وسوغ مجيئها من النكرة تخصيص النكرة بالوصف، والتسويم العلامة، قيل كان عليها أمثال الخواتيم. قاله الحسن والسدي، وقيل مكتوب على كل حجر اسم من رمى به، وقال الفراء: زعموا أنها كانت مخططة بحمرة وسواد في بياض فذلك تسويمها. قال ابن جريج: عليها سيماء لا تشاكل حجارة الأرض، وقال قتادة وعكرمة: عليها خطوط حمر على هيئة الجزع.
(عند ربك) أي في خزائنه أو في حكمه والخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم (وما هي) أي الحجارة الموصوفة، وقيل العقوبة المفهومة من السياق والأول أولى لأنه أقرب مذكور (من الظالمين) وهم قوم لوط (ببعيد) فإنهم بظلمهم حقيق بأن تمطر عليهم، وفيه وعيد لكل ظالم من الظلمة، ومنهم كفار قريش ومن عاضدهم على الكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم.
وقيل الضمير للقرى، أي هي قريبة من ظالمي مكة ممن كفر بالنبي (- صلى الله عليه وسلم -) فإنها بين الشام والمدينة يمرون بها في أسفارهم وتذكير البعيد على تأويل الحجارة بالحجر أو إجراء له على موصوف مذكر أي شيء بعيد أو مكان بعيد أو لكونه مصدراً كالزفير والصهيل، والمصادر يستوي في الوصف بها المذكر والمؤنث.
وعن مجاهد قال: يرهب بها قريشاً أن يصيبهم ما أصابهم. وعن السدي قال: من ظلمة العرب إن لم يؤمنوا فيعذبوا بها، وعن قتادة قال: من ظالمي هذه الأمة. وقد ذكر المفسرون روايات وقصصاً في كيفية هلاك قوم لوط طويلة متخالفة وليس في ذكرها فائدة ولا سيما وبين من قال بشيء من ذلك وبين هلاك قوم لوط دهر طويل لا يتيسر له في مثله إسناد صحيح. وغالب ذلك مأخوذ عن أهل الكتاب وحالهم في الرواية معروف، وقد أمرنا بأن لا نصدقهم