(وإنه لقسم)، وقال جماعة من أهل التفسير: إنها للنفي والمنفي بها محذوف، وهو كلام الكفار الجاحدين، قال الفراء هي نفي والمعنى ليس الأمر كذلك، ثم قال مستأنفاً: قسم وضعف هذا بأن حذف اسم لا وخبرها غير جائز، كما قال أبو حيان وغيره، وقيل: إنها لام الإبتداء، والأصل فلأقسم فأشبعت الفتحة فتولد منها الألف. وقد قرىء هكذا بدون ألف، وعلى هذا التقدير: فلا، أنا أقسم بذلك، وقيل: إن لا ههنا بمعنى: ألا التي للتنبيه، وهو بعيد، وقيل: إن لا هنا على ظاهرها، وأنها لنفي القسم، أي: فلا أقسم على هذا لأن الأمر أوضح من ذلك، وهذا مدفوع بقوله:(وإنه لقسم) مع تعيين المقسم والمقسم عليه.
(بمواقع النجوم) أي مساقطها وهي مغاربها، كذا قال قتادة وغيره: ولعل لله في آخر الليل إذا انحطت النجوم إلى المغرب أفعالاً مخصوصة عظيمة أو للملائكة عبادات موصوفة، أو لأنه وقت قيام المتهجدين ونزول الرحمة والرضوان عليهم، فلذلك أقسم بمواقعها، وقال عطاء بن أبي رباح: منازلها وقال الحسن: انكدارها وانتثارها يوم القيامة، وقال الضحاك: هي الأنواء التي كان أهل الجاهلية يقولون؛ مطرنا بنوء كذا وكذا، قال الماوردي: ويكون قوله: (فلا أقسم) مستعملاً في حقيقته من نفي القسم، وقال القشيري: هو قسم ولله أن يقسم بما يريد وليس لنا أن نقسم بغير الله وصفاته القديمة، وقيل المراد نزول القرآن نجوماً من اللوح المحفوظ وبه قال السدي وغيره.
وحكى الفراء عن ابن مسعود بأن مواقع النجوم هو محكم القرآن، قال ابن عباس: أنزل القرآن في ليلة القدر من السماء العليا إلى السماء الدنيا جملة واحدة ثم فرق بين السنين، وفي لفظ نزل من السماء الدنيا إلى الأرض نجوماً ثم قرأ هذه الآية، وعنه قال نجوم القرآن حين ينزل، قرأ الجمهور (مواقع) على الجمع وقرىء موقع على الإفراد: قال المبرد موقع ههنا مصدر