(يا أهل الكتاب) قيل نزلت في النصارى وقيل فيهم وفي اليهود (لا تغلوا في دينكم) الغلوّ هو التجاوز في الحد، ومنه غلا السعر يغلو غلاء وغلا الرجل في الأمر غلواً، وغلا بالجارية لحمها وعظمها إذا أسرعت الشباب فتجاوزت لداتها، والمراد بالآية النهي لهم عن الإفراط تارة والتفريط أخرى.
فمن الإفراط غلوّ النصارى في عيسى حتى جعلوه رباً، ومن التفريط غلو اليهود فيه عليه السلام حتى جعلوه لغير رشدة، وما أحسن قول الشاعر:
ولا تغل في شيء من الأمر واقتصد ... كلا طرفي قصد الأمور ذميم
(ولا تقولوا على الله إلا الحق) وهو ما وصف به نفسه ووصفته به رسله، ولا تقولوا الباطل كقول اليهود عزيز ابن الله وقول النصارى المسيح ابن الله، وهذا الاسثناء مفرغ (إنما المسيح عيسى ابن مريم) الجملة تعليل للنهي، وقد تقدم الكلام على المسيح في آل عمران والمعنى ليس له نسب غير هذا، وأنه (رسول الله) فمن زعم غير هذا فقد أشرك وكفر.
(وكلمته) أي كونه بقوله كن فكان بشراً من غير أب، وقيل كلمته بشارة الله مريم ورسالته إليها على لسان جبريل بقوله (إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه) وقيل الكلمة هاهنا بمعنى الآية ومنه (وصدّقت