بكلمات ربها) وقوله ما نفدت كلمات الله (ألقاها إلى مريم) أي أوصلها إليها (وروح) أي ذو روح (منه) وسمي روحاً لأنه حصل من الريح الحاصل من نفخ جبريل، أي أرسل جبريل فنفخ في جيب درع مريم فحملت بإذن الله، وهذه الإضافة للتفضيل والتشريف وإن كان جميع الأرواح من خلقه تعالى.
وقيل قد يسمى من تظهر منه الأشياء العجيبة روحاً ويضاف إلى الله فيقال هذا روح من الله أي من خلقه كما يقال في النعمة أنها من الله.
وقيل روح منه أي من خلقه كما قال تعالى (وسخّر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعاً منه) أي من خلقه، وقيل رحمة منه، وقيل برهان منه، وكان عيسى برهاناً وحجة على قومه.
والمعنى روح كائنة منه وجعلت الروح منه سبحانه وإن كانت بنفخ جبريل لكونه تعالى الآمر لجبريل بالنفخ، والمعنى ليس هو كما زعمتم ابن الله وإلهاً معه أو ثالث ثلاثة لأن ذا الروح مركّب، والإله منزه عن التركيب وعن نسبة المركّب إليه.
وعن أبي موسى أن النجاشي قال لجعفر: ما يقول صاحبك في ابن مريم؟ قال: يقول فيه قول الله، هو روح الله وكلمته أخرجه من البتول العذراء لم يقربها بشر، فتناول عوداً من الأرض فرفعه فقال يا معشر القسيسين والرهبان ما يزيد هؤلاء على ما تقولون في ابن مريم ما يزن هذه.
وعن ابن مسعود بأطول من هذا. وأخرج البخاري عن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم فإنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله (١).