(فإذا قضيتم مناسككم) المراد بالمناسك أعمال الحج، ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم - " خذوا عني مناسككم " أي فإذا فرغتم من أعمال الحج، وقيل المراد بها الذبائح وذلك بعد رمي جمرة العقبة والاستقرار بمنى.
(فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكراً) إنما قال سبحانه ذلك لأن العرب كانوا إذا فرغوا من حجهم يقفون عند الجمرة، وقيل عند البيت فيذكرون مفاخر آبائهم ومناقب أسلافهم بالمنثور والمنظوم من الكلام الفصيح، وغرضهم بذلك الشهرة والسمعة والرفعة، فلما من الله عليهم بالإسلام أمرهم بذكره مكان ذلك الذكر، ويجعلونه ذكراً مثل ذكرهم لآبائهم أو أشد من ذكرهم لآبائهم، والذكر له بالتمجيد والتحميد والتهليل والتسبيح والتكبير والثناء عليه، وقيل أو بمعنى الواو أي وأكثروا ذكر الله تعالى من ذكركم للآباء لأنه هو المنعم عليكم وعلى آبائكم فهو المستحق للذكر والحمد مطلقاً.
(فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق) لما أرشد سبحانه عباده إلى ذكره وكان الدعاء نوعاً من نواع الذكر جعل من يدعوه منقسماً إلى قسمين: أحدهما يطلب حظ الدنيا ولا يلتفت إلى حظ الآخرة، والقسم الآخر يطلب الأمرين جميعاً، والخلاق النصيب أي ما لهذا الداعي في الآخرة من نصيب لأن همه مقصور على الدنيا لا يريد غيرها، ولا يطلب سواها.