للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وهو الذي مرج البحرين) أي أرسلهما متجاورين أو خلاهما متلاصقين بحيث لا يتمازجان، من مرَج أي خلى وخلط وأرسل يقال مرجت الدابة وأمرجتها إذا أرسلتها في المرعى وخليتها تذهب حيث تشاء قال مجاهد: أرسلهما وأفاض أحدهما إلى الآخر، وقال ابن عرفة: خلطهما فهما يلتقيان، يقال مرجته إذا خلطته، ومرج الدين والأمر اختلط واضطرب، ومنه قوله تعالى (في أمر مريج) وقال الأزهري: مرج البحرين خلى بينهما لا يلتبس أحدهما بالآخر، يقال: مرجت الدابة إذا خليتها ترعى، وقال ثعلب: المرج الإجراء فالمعنى أجراهما، وقال الأخفش: وتقول قوم أمرج مثل مرج فعل وأفعل بمعنى.

(هذا عذب فرات) هو البليغ العذوبة، المائلة إلى الحلاوة. والجملة مستأنفة كأنه قيل: كيف مرجهما؟ فقيل: هذا عذب الخ، أو حال بتقدير مقولاً فيهما. قيل سمى الماء الحلو فراتاً، لأنه يفرت العطش، أي يقطعه، ويشقه ويكسره ولا يجمع إلا نادراً على فرتان كغربان (وهذا ملح أجاج) أي بليغ الملوحة، وقيل البليغ في الحرارة وقيل البليغ في المرارة. وقرئ ملح بفتح الميم وكسر اللام. قال ابن عباس: خلع أحدهما على الآخر، فليس يفسد العذب المالح، وليس يفسد المالح العذب، وهذا من أحسن المقابلة، حيث قال: عذب فرات، وملح أجاج.

(وجعل بينهما برزخاً) هو الحاجز والحائل، الذي جعله الله بينهما من قدرته، يفصل بينهما ويمنعهما التمازج ولا يحس (وحجراً محجوراً) أي ستراً مستوراً، يمنع أحدهما من الاختلاط بالآخر فلا يبغي أحدهما على الآخر، ولا

<<  <  ج: ص:  >  >>