(قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي) مستأنفة كالجمل التي قبلها، والمعنى أخبروني إن كنت على بيان وحجة واضحة وبصيرة وهداية من عند ربي فيما أمرتكم به ونهيتكم عنه (ورزقني منه) أي من فضله وخزائن ملكه ومن عنده وبإعانته بلا كد مني ولا تعب في تحصيله (رزقاً حسناً) أي كثيراً واسعاً حلالاً طيباً وقد كان عليه السلام كثير المال والنعمة، وقيل أراد بالرزق النبوة وقيل الحكمة وقيل العلم وقيل التوفيق وقيل المعرفة وقيل الهداية.
وجواب الشرط محذوف يدل عليه سياق الكلام تقديره أأترك أمركم ونهيكم أو تقولون في شأني ما تقولون مما تريدون به السخرية والاستهزاء أو هل يسعني مع هذه النعمة أن أخون في وحيه، وهذا الجواب شديد المطابقة بقولهم إنك لأنت الحليم الرشيد أي كيف يليق بالحليم الرشيد أن يخالف أمر ربه وله عليه نعم كثيرة (وما أريد) بنهي لكم عن التطفيف والبخس (أن أخالفكم إلى ما أنهاكم) نهيتكم (عنه) فأفعله دونكم يقال خالفه إلى كذا إذا قصده وهو مول عنه وخالفته عن كذا في عكس ذلك، قال الزجاج: معناه لست أنهاكم عن شيء وأدخل فيه إنما أختار لكم ما أختار لنفسي، قال ابن الأنباري: بين أن الذي يدعوهم إليه من اتباع طاعة الله وترك البخس والتطفيف هو ما يرتضيه لنفسه ولا