(ما كان) أي ما ينبغي ولا يستقيم (لبشر) أي جميع بني آدم ولا واحد للفظ بشر كالقوم والرهط، بيان لافترائهم على الأنبياء إثر بيان افترائهم على الله، وإنما قيل " لبشر " إشعاراً بعلة الحكم فإن البشرية منافية للأمر الذي تقوّلوه عليه (أن يؤتيه الله الكتاب) الناطق بالحق (والحكم) يعني الفهم والعلم وقيل هو إمضاء الحكم من الله، والأول أولى (والنبوة) يعني المنزلة الرفيعة (ثم يقول للناس كونوا عباداً لي من دون الله) أي هذه المقالة وهو متصف بتلك الصفة وفيه بيان من الله سبحانه لعباده أن النصارى افتروا على عيسى ما لا يصح عنه، ولا ينبغي أن يقوله.
(ولكن) يقول (كونوا ربانيين) قال سيبويه: الرباني منسوب إلى الرب بزيادة الألف والنون للمبالغة كما يقال لعظيم اللحية لحياني ولعظيم الجمة جماني ولغليظ الرقبة رقباني.
وقيل الرباني الذي يربي الناس بصغار العلم قبل كباره، فكأنه يقتدي بالرب سبحانه في تيسير الأمور، وقال المبرد الربانيون أرباب العلم واحدهم رباني، من قوله ربه يربه فهو ربان إذا دبره وأصلحه، والياء للنسب، فمعنى الرباني العالم بدين الرب القوي التمسك بطاعة الله، وقيل العالم الحكيم أي كونوا ربانيين بسب كونكم عالمين فإن حصول العلم للإنسان والدراسة له يتسبب عنهما الربانية التي هي التعليم للعلم وقوة التمسك بطاعة الله، قال ابن عباس معناه: حكماء علماء.