(قالوا إنا تطيرنا بكم) فإنها مستأنفة جواباً عن سؤال مقدر، أي إنا تشاءمنا بكم لانقطاع المطر عنا بسببكم. لم يجدوا جواباً يجيبون به على الرسل إلا هذا الجواب، المبني على الجهل، المنبىء عن الغباوة العظيمة وعدم وجود حجة يدفعون الرسل بها، وعادة الجهال أن يتيمنوا بكل شيء مالوا إليه وقبلته طباعهم، ويتشاءموا بما نفروا عنه وكرهوه، فإن أصابهم بلاء أو نعمة قالوا بشؤم هذا وبركة هذا.
قال مقاتل: حبس عنهم المطر ثلاث سنين فقالوا: هذا بشؤمكم. قيل: إنهم أقاموا ينذرونهم عشر سنين، وقيل: إنما تطيروا لما بلغهم من أن كل نبي إذا دعا قومه فلم يجيبوه كان عاقبتهم الهلاك، وأصل التطير التفاؤل بالطير، فإنهم كانوا يزعمون أن الطائر السانح سبب للخير، والبارح سبب للشر، ثم استعمل في كل ما يتشاءم به.
وفي المختار: وطائر الإنسان عمله الذي قلده، والطير أيضاًً الاسم من التطير ومنه قولهم: لا طير إلا طير الله وتطير من الشيء وبالشيء والاسم الطيرة بوزن عنبة، وهو ما يتشاءم به من الفأل الرديء.
وفي الحديث:" أنه كان يحب الفأل ويكره الطيرة "، وقوله تعالى:(قالوا اطيرنا بك) أصله تطيرنا فأدغم، ثم رجعوا إلى التجبر والتكبر لما ضاقت صدورهم، وأعيتهم العلل فقالوا:
(لئن لم تنتهوا) اللام للقسم، أي والله لئن لم تتركوا هذه الدعوى وتعرضوا عن هذه المقالة:(لنرجمنكم) بالحجارة، قال الفراء: عامة ما في القرآن من الرجم المراد به القتل، وقال قتادة: هو على بابه من الرجم بالحجارة.
(وليمسنَّكم منا عذاب أليم) أي شديد فظيع، وقيل: معناه التحريق بالنار أو القتل، وقيل: الشتم، وقيل: هو التعذيب المؤلم من غير تقييد بنوع