(وأنيبوا إلى ربكم) أي ارجعوا إليه بالطاعة لما بشرهم سبحانه بأنه يغفر الذنوب جميعاً أمرهم بالرجوع إليه، بفعل الطاعات، واجتناب المعاصي وليس في هذا ما يدل على تقييد الآية الأولى بالتوبة، لا بمطابقة، ولا تضمن، ولا التزام، بل غاية ما فيها أنه بشرهم بتلك البشارة العظمى. ثم دعاهم إلى الخير وخوفهم من الشر على أنه يمكن أن يقال إن هذه الجملة مستأنفة خطاباً للكفار الذين لم يسلموا بدليل قوله:
(وأسلموا له) جاء بها لتحذير الكفار وإنذارهم بعد ترغيب المسلمين بالآية الأولى، وتبشيرهم، وهذا وإن كان بعيداً ولكنه يمكن أن يقال به، والمعنى على ما هو الظاهر أن الله جمع لعباده بين التبشير العظيم، والأمر بالإِنابة إليه، والإخلاص له، والاستسلام لأمره، والخضوع لحكمه.
وقوله (من قبل أن يأتيكم العذاب) أي عذاب الدنيا كما يفيده النظم، فليس في ذلك ما يدل على ما زعمه الزاعمون، وتمسك به القانطون المقنطون والحمد لله رب العالمين (ثم لا تنصرون). أي لا تمنعون من العذاب إن لم تتوبوا قبل نزول العقاب.