(وثيابك فطهر) المراد بها الثياب الملبوسة على ما هو المعنى اللغوي، أمره الله سبحانه بتطهير ثيابه وحفظها عن النجاسات وإزالة ما وقع فيها منها، وقال مجاهد وابن زيد وأبو رزين أي عملك فأصلح وقال قتادة نفسك فطهر من الذنب، والثياب عبارة عن النفس، وقال سعيد بن جبير قلبك فطهر، وقال الحسن والقرطبي أخلاقك فطهر، لأن خلق الإنسان مشتمل على أحواله اشتمال ثيابه على نفسه.
وقال الزجاج المعنى وثيابك فقصر، لأن تقصير الثوب أبعد من النجاسات إذا انجر على الأرض، وبه قال طاوس، وذلك لأن العرب كانت عادتهم تطويل الثياب وجر الذيول ولا يؤمن معه إصابة النجاسة، وفي الثوب الطويل من الخيلاء والكبر والفخر ما ليس في الثوب القصير، فنهى عن تطويل الثوب وأمر بتقصيره لذلك.
وقال أبيّ ابن كعب معناه لا تلبسها على غدر ولا على ظلم ولا على إثم، البسها وأنت بر طاهر، وقال ابن عباس أي لا تكن ثيابك التي تلبس من مكسب باطل، وعنه قال فطهر من الإثم قال وهي في كلام العرب نقي الثياب، وعنه قال من الغدر لا تكن غداراً، وفي لفظ لا تلبسها على غدرة، والأول أولى لأنه المعنى الحقيقي، وليس في استعمال الثياب مجاز عن غيرها لعلاقة مع قرينة ما يدل على أنه المراد عند الإطلاق، وليس في مثل هذا الأصل أعني الحمل على الحقيقة عند الإطلاق خلاف.