(والوالدات يرضعن أولادهن) لما ذكر الله سبحانه النكاح والطلاق، ذكر الرضاع لأن الزوجين قد يفترقان وبينهما ولد، ولهذا قيل: إن هذا خاص بالمطلقات وقيل هو عام، وقوله (يرضعن) قيل هو خبر بمعنى الأمر للدلالة على تحقق مضمونه، وليس أمر إيجاب، وإنما هو أمر ندب واستحباب، وقيل هو خبر على بابه (حولين كاملين) تأكيد للدلالة على أن هذا التقدير تحقيقي لا تقريبي، وفيه رد على أبي حنيفة في قوله إن مدة الرضاع ثلاثون شهراً وعلى زفر في قوله (إنها ثلاث سنين) ذلك (لمن أراد أن يتم الرضاعة) فيه دليل على أن إرضاع الحولين ليس حتماً، بل هو التمام ويجوز الاقتصار على ما دونه، وليس له حد محدود، وإنما هو على مقدار إصلاح الطفل وما يعيش به، قال النحاس: لا يعرف البصريون الرضاعة إلا بالفتح، وحكى الكوفيون جواز الكسر، والآية تدل على وجوب الرضاع على الأم لولدها، وقد حمل ذلك على ما إذا لم يقبل الرضيع غيرها.
(وعلى المولود له) أي على الأب الذي يولد له، وآثر هذا اللفظ دون قوله وعلى الوالد للدلالة على أن الأولاد للآباء لا للأمهات، ولهذا ينسبون إليهم دونهن كأنهن إنما ولدن لهم فقط، ذكر معناه في الكشاف (رزقهن) المراد بالرزق هنا الطعام الكافي المتعارف بين الناس، ويطلق الرزق بالكسر على المرزوق وعلى المصدر (وكسوتهن) المراد بالكسوة ما يتعارفونه أيضاً (بالمعروف) أي على قدر الميسرة.