وفي ذلك دليل على وجوب ذلك على الآباء للأمهات المرضعات، وهذا في المطلقات طلاقاً بائناً، وأما غير المطلقات فنفقتهن وكسوتهن واجبة على الأزواج من غير إرضاعهن لأولادهن.
وقال القرطبي: الأظهر أن الآية في الزوجات في حال بقاء النكاح لأنهن المستحقات للنفقة والكسوة أرضعن أو لم يرضعن، وهما في مقابلة التمكين لكن إذا اشتغلت الزوجة بالإرضاع لم يكمل التمكين ولا التمتع بها فقد يتوهم أن هذه النفقة تسقط حالة الإرضاع فدفع هذا التوهّم بقوله (وعلى المولود له).
ثم قال في محل آخر: وفي هذه الآية دليل على وجوب نفقة الولد على الوالد لعجزه وضعفه، ونسبه تعالى للأم لأن الغذاء يصل إليه بواسطتها في الرضاع، وأجمع العلماء على أنه يجب على الأب نفقة أولاده الأطفال الذين لا مال لهم انتهى.
(لا تكلف نفس إلا وسعها) هو تقييد لقوله بالمعروف أي هذه النفقة والكسوة الواجبتان على الأب بما يتعارفه الناس لا يكلف منهما إلا ما يدخل تحت وسعه وطاقته لا ما يشق عليه ويعجز عنه، وقيل المراد لا تكلف المرأة الصبر على التقتير في الأجرة ولا يكلف الزوج ما هو إسراف بل يراعى القصد.
(لا تضارّ والدة بولدها ولا مولود له بولده) قرىء بالرفع على الخبر وبفتح الراء المشددة محلى النهي، وأصله لا تضارر أو لا تضارر على البناء للفاعل أو المفعول أي لا تضارر الأب بسبب الولد بأن تطلب منه ما لا يقدر عليه من الرزق والكسوة أو بأن تفرط في حفظ الولد والقيام بما يحتاج إليه أو لا تضارر من زوجها بأن يقصر عليها في شيء مما يجب عليه أو ينتزع ولدها منها بلا سبب، وهكذا قراءة الرفع تحتمل الوجهين.
ويجوز أن تكون الباء في قوله بولدها صلة لقوله تضار على أنه بمعنى تضر