(وهو القاهر فوق عباده) قيل المراد فوقية القدرة والرتبة كما يقال السلطان فوق الرعية أي العالي عليهم بقدرته لأن كل من قهر شيئاً وغلبه فهو مستعل عليه بالقهر، والمعنى أنه هو الغالب المتصرف في أمورهم لا غيره يفعل بهم ما يشاء إيجاداً وإعداماً وإحياء وإماتة وإثابة وتعذيباً إلى غير ذلك، وقيل هو صفة لله تعالى وهذا هو مذهب سلف الأمة وأئمتها يمرونها كما جاءت من غير تكييف ولا تأويل ولا تعطيل أي فوقية تليق بحاله وهو الحق، وقد تقدم بيانه في أول السورة.
(ويرسل عليكم حفظة) أي ملائكة جعلهم الله حافظين لكم، ومنه قوله تعالى:(وإن عليكم لحافظين) والمعنى أنه يرسل عليكم من يحفظكم من الآفات ويحفظ أعمالكم، قال السدي: هم المعقبات من الملائكة يحفظونه ويحفظون عمله، والحفظة جمع حافظ مثل كتبة جمع كاتب، وعليكم متعلق بيرسل لما فيه من معنى الاستعلاء وتقديمه على حفظة ليفيد العناية بشأنه وأنه أمر حقيق بذلك، وقيل هو متعلق بحفظة.
(حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا) يحتمل أن تكون حتى للغاية ويحتمل أن تكون للابتداء، والمراد بمجيء الموت مجيء علامته، والرسل هم أعوان ملك الموت من الملائكة؛ قاله ابن عباس، ومعنى توفته استوفت روحه وقيل المراد ملك الموت وحده، وإنما ذكر بلفظ الجمع تعظيماً له.
(وهم لا يفرطون) أي لا يقصرون ولا يضيعون وأصله من التقدم، وقال أبو عبيدة: لا يتوانون وقرئ لا يفرطون بالتخفيف أي لا يجاوزون الحد فيما أمروا به من الإكرام والإهانة.