للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(ولكنا أنشأنا قروناً) أي خلقنا أمماً بين زمانك يا محمد - صلى الله عليه وسلم - وزمان موسى (فتطاول عليهم العمر) أي طالت عليهم المهلة، وتمادى عليهم الأمد، وفترت النبوة، وكانت الأخبار تخفى، فتغيرت الشرائع والأحكام، وتُنوسيَت الأديان، واندرست العلوم ووقع التحريف في كثير منها. فتركوا أمر الله ونسوا عهده.

فاقتضت الحكمة التشريع الجديد فجئنا بك رسولاً، وأوحينا إليك خبر موسى وغيره ليكون معجزة لك وتذكيراً لقومك ومثله قوله سبحانه (فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم) وقد استدل بهذا الكلام على أن الله سبحانه قد عهد إلى موسى عهوداً في محمد - صلى الله عليه وسلم - وفي الإيمان به، فلما طال عليهم العمر، ومضت القرون بعد القرون نسوا تلك العهود، وتركوا الوفاء بها.

(وما كنت ثاوياً في أهل مدين) أي مقيماً بينهم كما أقام موسى حتى تقرأ على أهل مكة خبرهم، وتقص عليهم من جهة نفسك يقال: ثوى يثوي ثواء وثوياً فهو ثاو، ومن المعلوم أن واقعة مدين كانت قبل واقعتي الطور، فمقتضى

<<  <  ج: ص:  >  >>