(ويعذب المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات) معطوف على يدخل أي يعذبهم في الدنيا بإيصال الهموم والغموم إليهم، بسبب علو كلمة المسلمين، وما يشاهدونه من ظهور الإسلام، وبأن يسلط النبي صلى الله عليه وسلم عليهم قتلاً وأسراً واسترقاقاً في الدنيا، وفي الآخرة بعذاب جهنم وقدم المنافقين على المشركين لأنهم كانوا أشد على المؤمنين ضرراً من الكفار المجاهرين، لأن المؤمن كان يتوقى المجاهر؛ ويخالط المنافق لظنه إيمانه وكان يفشي إليه سره، وفيه دلالة على أنهم أشد منهم عذاباً، وأحق منهم مما وعدهم الله به، ثم وصف الفريقين فقال:
(الظانين بالله ظن السوء) وهو ظنهم أن النبي صلى الله عليه وسلم يغلب، وأن كلمة الكفر تعلو كلمة الإسلام ومما ظنوه ما حكاه الله عنهم بقوله، (بل ظننتم أن لن ينقلب الرسول والمؤمنون إلى أهليهم أبداً) والسوء صفة لموصوف محذوف أي ظن الأمر السوء.
(عليهم دائرة السوء) أي ما يظنونه ويتربصون بالمؤمنين دائر عليهم حائق بهم؛ الدائرة مصدر بزنة اسم الفاعل أو اسم فاعل من دار يدور، سمى به عاقبة الزمان أي حادثته، وهي في الأصل عبارة عن الخط المحيط بالمركز ثم استعملت في الحادثة المحيط بمن وقعت عليه، إلا أن أكثر استعمالها في المكروه، والسوء بالضم معناه العذاب، والهزيمة والشر، وبالفتح معناه الذم وقد قرىء بهما، وهما لغتان، وفي الأصل مصدران وهذا إخبار عن وقوع السوء بهم، أو دعاء عليهم، والإضافة من باب إضافة العام للخاص، فهي للبيان وقال سيبويه: السوء هنا الفساد.
ولما بين الله سبحانه أن دائرة السوء عليهم في الدنيا بين ما يستحقونه مع ذلك من الغضب واللعنة وعذاب جهنم فقال:
(وغضب الله عليهم ولعنهم وأعد لهم جهنم وساءت مصيراً) أي مرجعاً.