(فرح المخلفون) وهم المتروكون وهم الذين استأذنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم من المنافقين فأذن لهم وخلفهم بالمدينة في غزوة تبوك أو الذين خلفهم الله وثبطهم أو الشيطان أو نفاقهم أو كسلهم أو المؤمنون (بمقعدهم) أي بقعودهم، يقال قعد قعوداً ومقعداً أي جلس وأقعده غيره، ذكر معناه الجوهري (خلاف رسول الله) فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: أنه منصوب على المصدر أي تخلفوا خلاف رسول الله والثاني: أنه مفعول من أجله أي فرحوا لأجل مخالفتهم رسول الله أو بقعودهم لمخالفتهم له، وإليه ذهب الطبري والزجاج، ويؤيده قراءة خلف بضم الخاء وسكون اللام والثالث أن ينتصب على الظرف أي بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقال أقام زيد خلاف القوم أي تخلف بعد ذهابهم، وخلاف أن يكون ظرفاً، وإليه ذهب أبو عبيدة وعيسى بن عمر.
قال الأخفش ويونس: الخلاف بمعنى الخلف، وذلك أن جهة الأمام التي يقصدها الإنسان تخالفها جهة الخلف، وقال قطرب: معنى خلاف رسول الله مخالفة الرسول. حين سار إلى تبوك وأقاموا أي قعدوا لأجل المخالفة أو مخالفين له (وكرهوا أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله) لكمال شحهم بالأموال والأنفس، وعد وجود باعث الإيمان وداعي الإخلاص، ووجود الصارف عن ذلك وهو ما هم فيه من النفاق، وفيه تعريض بالمؤمنين الباذلين لأموالهم