للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(ولأضلّنّهم) اللام جواب قسم محذوف، والإضلال الصرف عن طريق الهداية إلى طريق الغواية والمراد به التزيين والوسوسة وإلا فليس إليه من الإضلال شيء، قال بعضهم لو كان الإضلال إلى إبليس لأضلّ جميع الخلق وهكذا اللام في قوله (ولأمنينهم) والمراد بالأماني التي يمنيهم بها الشيطان هي الأماني الباطلة الناشئة عن تسويله ووسوسته قال ابن عباس يريد تسويف التوبة وتأخيره.

قال الكلبي: أمنيهم أنه لا جنة ولا نار ولا بعث، وقيل إدراك الجنة مع المعاصي وقيل أُزيّن لهم ركوب الأهواء والأهوال الداعية إلى العصيان وقيل طول البقاء في الدنيا ونعيمها ليؤثروها على الآخرة، ولا مانع من حمل اللفظ على الجميع.

(ولآمرنَّهم فليبتكنّ آذان الأنعام) أي ولآمرنهم بتبتيك آذانها أي تقطيعها فليبتكنها بموجب أمري والبتك القطع ومنه سيف باتك يقال بتكة وبتكة مخففاً ومشدداً، وقد فعل الكفار ذلك امتثالاً لأمر الشيطان واتباعاً لرسمه فشقوا آذان البحائر والسوائب (١) كما ذلك معروف، قال قتادة: التبتيك في البحيرة والسائبة يبتكون آذانها لطواغيتهم (ولآمرنّهم فليغيرنَّ خلق الله) بموجب أمري لهم.

واختلف العلماء في هذا التغيير ما هو فقالت طائفة: هو الخصي وفقء العين وقطع الأذن، وقال آخرون: إن المراد هو أن الله سبحانه خلق الشمس والقمر والأحجار والنار ونحوها من المخلوقات لما خلقها له فغيرها الكفار بأن جعلوها آلهة معبودة وبه قال الزجاج، وقيل المراد تغيير الفطرة التي فطر الله


(١) البحيرة هي الناقة تشق أذنها وتخلى للطواغيت إذا ولدت خمسة أبطن آخرها ذكر والسائبة هي الناقة تسيب للأصنام لنحو برء من مرض أو نجاة في حرب.

<<  <  ج: ص:  >  >>