(كيف يكون للمشركين) الاستفهام هنا للتعجب المتضمن للإنكار، ولهذا حسن بعده (إلا) والمراد بالمشركين الناكثون لأن البراءة هي في شأنهم (عهد عند الله) يأمنون به من عذابه (وعند رسوله) وقيل معنى الآية محال أن يثبت لهؤلاء عهد وهم أضداد لكم مضمرون للغدر، فلا تطمعوا في ذلك ولا تحدثوا به أنفسكم، والمعنى ليس لمن لم يف بعهد أن يفي الله ورسوله له بالعهد.
ثم استدرك فقال:(إلا الذين عاهدتم) أي لكن الذين عاهدتم ولم ينقضوا ولم ينكثوا فلا تقاتلوهم، وقيل الاستثناء متصل، وفيه احتمالان. (أحدهما) أنه منصوب على أصل الاستثناء من المشركين.
(والثاني) أنه مجرور على البدل منهم.
(عند المسجد الحرام) أي عند قربه يوم الحديبية، قاله قتادة، والمراد به جميع الحرم كما هي عادته في القرآن إلا ما استثنى (فما استقاموا لكم) أي فما داموا مستقيمين لكم على العهد الذي بينكم وبينهم ولم ينقضوه، وفي (ما) وجهان أحدهما أنها مصدرية زمانية والثاني أنها شرطية (فاستقيموا لهم) على الوفاء به، قيل هم بنو بكر، وقيل بنو كنانة وبنو ضمرة وقال ابن عباس: هم قريش، وعن ابن زيد نحوه، وقال السدي: هم بنو جذيمة، وقال مجاهد: هم أهل العهد من خزاعة.