(سمّاعون للكذب) كرره تأكيداً لقبحه وليكون كالمقدمة لما بعده وهو (أكّالون للسحت) وهو بضم السين وسكون الحاء المال الحرام وأصله الهلاك والشدة، من سحته إذا أهلكه، ومنه:
(فيسحتكم بعذاب) ويقال للحالق اسحت أي أستأصل وسمي الحرام سحتاً لأنه يسحت الطاعات أي يذهبها ويسأصلها، وقال الفراء أصله كلب الجوع، وقيل هو الرشوة والأول أولى، والرشوة تدخل في الحرام دخولاً أولياً.
وقد فسره جماعة بنوع من أنواع الحرام خاص كالهدية لمن يقضى له حاجة أو حلوان الكاهن والتعميم أولى بالصواب. قال ابن عباس أخذوا الرشوة في الحكم وقضوا بالكذب، وعن ابن مسعود قال السحت الرشوة في الدين، وقال سفيان في الحكم وعن ابن عباس قال: رشوة الحكام حرام، وهي السحت الذي ذكر الله تعالى في كتابه.
وعن علي أنه سُئِلَ عن السحت فقال: الرشى، فقيل له في الحكم قال: ذلك الكفر، وعن عمر قال: بابان من السحت يأكلهما الناس الرشى في الحكم ومهر الزانية، وقد ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في تحريم الرشوة ما هو معروف، وعن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:" لعن الله الراشي والمرتشي في الحكم "(١)، أخرجه الترمذي وأخرجه أبو داود عن ابن عمرو بن العاص.
(فإن جاؤوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم) فيه تخيير لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين الحكم بينهم والإعراض عنهم، وقد استدل به على أن حكام المسلمين مخيرون بين الأمرين، وقد أجمع العلماء على أنه محب على حكام المسلمين أن