(قل أتعبدون) أمر الله سبحانه رسوله صلى الله عليه وآله وسلم أن يقول لهم هذا القول إلزاماً لهم وقطعاً لشبهتهم بعد تعجبه من أحوالهم أي أتعبدون (من دون الله) متجاوزين إياه (ما لا يملك لكم ضراً ولا نفعاً) بل هو عبد مأمور، وما جرى على يده من النفع أو وقع من الضرر فهو بإقدار الله له وتمكينه منه، وأما هو، فهو يعجز عن أن يملك لنفسه شيئاً من ذلك فضلاً عن أن يملكه لغيره، ومن كان لا ينفع ولا يضر فكيف تتخذونه إلهاً وتعبدونه وأي سبب يقتضي ذلك؟ والمراد هنا المسيح عليه السلام.
وإيثار (ما) على (من) لتحقيق ما هو المراد من كونه بمعزل عن الألوهية رأساً ببيان انتظامه عليه السلام في سلك الأشياء التي لا قدرة لها على شيء أصلاً، وقدم سبحانه الضر على النفع لأن دفع المفاسد أهم من جلب المصالح، وهذا دليل قاطع على أن أمره مناف للربوبية والإلهية حيث لا يستطيع ضراً ولا نفعاً، وصفة الرب والإله أن يكون قادراً على كل شيء لا يخرج مقدور عن قدرته، وهذا في حق عيسى النبي، فما ظنك بولي من الأولياء؟ فإنه أولى بذلك.
(و) الحال أن (الله هو السميع العليم) ومن كان كذلك فهو القادر على الضر والنفع لإحاطته بكل مسموع ومعلوم، ومن جملة ذلك مضاركم ومنافعكم، وقيل: إن الله هو المستحق للعبادة لأنه يسمع كل شيء ويعلمه وإليه ينحو كلام الزمخشري.