والآخر صحابي، فمن أين لكم أن تصفوهما بما لا يوصف به سائر الأنبياء وخواصهم، ووقع اسم الصديقة عليها لقوله تعالى (وصدقت بكلمات ربها وكتبه).
(كانا يأكلان الطعام) استئناف يتضمن التقرير لما أشير إليه من أنهما كسائر أفراد البشر أي من كان يأكل الطعام كسائر المخلوقين فليس برب بل عبد مربوب ولدته النساء، فمتى يصلح لأن يكون رباً وأما قولكم: إنه كان يأكل الطعام بناسوته لا بلاهوته فهو كلام باطل يستلزم اختلاط الإله بغير الإله، ولو جاز اختلاط القديم بالحادث لجاز أن يكون القديم حادثاً ولو صحّ هذا في حق عيسى لصح في حق غيره من العباد.
(انظر كيف نبين لهم الآيات) أي: الدلالات الواضحات على وحدانيتنا وفيه تعجب من حال هؤلاء الذين يجعلون تلك الأوصاف مستلزمة للإلهية ويغفلون عن كونها موجودة فيمن لا يقولون بأنه إله.
(ثم انظر أنى يؤفكون) أي: يصرفون عن الحق بعد هذا البيان يقال: أفكه إذا صرفه، وكرر الأمر بالنظر للمبالغة في التعجيب، وجاء بثم لإظهار ما بين العجبين من التفاوت، وقيل: الأول أمر بالنظر في كيفية إيضاح الله تعالى لهم الآيات وبيانها، والثاني بالنظر في كونهم صرفوا عن تدبرها والإيمان بها.