(ولا تقربوا مال الميتيم) أي لا تتعرضوا له بوجه من الوجوه (إلا بالتي) أي الخصلة التي (هي أحسن) من غيرها وهي ما فيه صلاحه وحفظه وتنميته وتثميره وتحصيل الربح له فيشمل كل وجه من الوجوه التي فيها نفع لليتيم وزيادة في ماله، والاستثناء مفرغ، وقيل المراد بالتي هي أحسن التجارة.
(حتى) أي إلى غاية هي أن (يبلغ) اليتيم (أشده) فإن بلغ ذلك فادفعوا إليه ماله وهو اسم جمع لا واحد له من لفظه وقيل بالعكس وقيل هو اسم مفرد لفظاً ومعنى، وقيل هو جمع، وعلى هذا فمفرده شدة كنعمة أو شد كفلس وأفلس أو شد كصر وأصر، أقوال ثلاثة في مفرده وأصله من شد النهار أي ارتفع قال سيبويه واحده شدة.
قال الجوهري: وهو حسن في المعنى لأنه يقال أبلغ الكلام شدته، ولكن لا تجمع فعلة على أفعل، وقيل الأشد استحكام قوة الشباب والسن حتى يتناهى في الشباب إلى حد الرجال.
واختلف أهل العلم في الأشد فقال أهل المدينة بلوغه وإيناس رشده، وقال عبد الرحمن بن زيد: هو البلوغ، وقيل إنه انتهاء الكهولة، والأولى في تحقيقه أنه البلوغ إلى سن التكليف مع إيناس الرشد، وهو أن يكون في تصرفاته بماله سالكاً مسلك العقلاء لا مسلك أهل السفه والتبذير، ويدل على هذا قوله تعالى في سورة النساء (وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشداً فادفعوا إليهم أموالهم) فجعل بلوغ النكاح وهو بلوغ سن التكليف مقيداً بإيناس الرشد، ولعله قد سبق هنالك كلام في هذا.