(قال فإنا قد فتنا قومك من بعدك) مستأنفة كأنه قيل فماذا؟ قال الله أي ابتليناهم واختبرناهم وألقيناهم في فتنة ومحنة، قال ابن الأنباري: صيرناهم مفتونين أشقياء بعبادة العجل من بعد انطلاقك من بينهم وهم الذين خلفهم مع هارون وكانوا ستمائة ألف فافتتنوا غير اثني عشر ألفاً وهذه الفتنة وقعت لهم بعد خروج موسى من عندهم بعشرين يوماً، وهذا الإخبار من الله تعالى عنها قيل إنه كان وقت سؤاله بقوله: وما أعجلك الخ فهو أول حضوره الميقات وفي ذلك الوقت لم تكن الفتنة وقعت لهم كما علمت فيكون هذا الإخبار فيه تجوز من إطلاق الماضي على المستقبل على حد (أتى أمر الله) وقيل إنه كان بعد تمام الأربعين أو في العشر الأخير منها.
قال الشهاب: وعليه الجمهور وعليه فيكون الإخبار حقيقاً لا تجوز فيه.
(وأضلهم السامري) أي دعاهم إلى الضلالة وكان من قوم يعبدون البقر فدخل في دين بني إسرائيل في الظاهر وفي قلبه ما فيه من عبادة البقر وكان من قبيلة تعرف بالسامرة، وقيل كان من القبط، وقيل كان علجاً من علوج كرمان رفع إلى مصر، وكان جاراً لموسى وآمن به واسمه موسى بن ظفر وكان منافقاً، فقال لمن معه من بني إسرائيل إنما تخلف موسى عن الميعاد الذي بينكم وبينه لا صار معكم من الحلي، وهي حرام عليكم وأمرهم بإلقائها في