(ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى) مستأنفة مسوقة لتسلية رسول الله صلى الله عليه وسلم عما كان يعتريه من جهة المشركين من التعب، والشقاء يجيء في معنى التعب وشائع فيه.
قال ابن كيسان: وأصل الشقاء في اللغة التعب والعناء، ولعله عدل إليه للإشعار بأنه أنزل عليه ليسعد والمعنى ما أنزلنا عليك يا محمد القرآن لتتعب بفرط تأسفك عليهم وعلى كفرهم وتحسرك على أن يؤمنوا إذ ما عليك إلا أن تبلغ، فهو كقوله سبحانه:(فلعلك باخع نفسك).
قال النحاس: بعض النحاة يقول هذه اللام في لتشقى لام النفي وبعضهم يقول لام الجحود، وقال ابن كيسان: هي لام الخفض وهذا التفسير للآية على قول من قال إن طه كسائر فواتح السور التي ذكرت تعديداً لأسماء الحروف، وإن جعلت اسماً للسورة كان قوله ما أنزلنا الخ خبراً عنها.
وأما على أن معناها يا رجل أو بمعنى الأمر بوطء الأرض فتكون الجملة مستأنفة أيضاً مسوقة لصرفه (- صلى الله عليه وسلم -) عما كان عليه من المبالغة في العبادة.
وعن ابن عباس قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم أول ما أنزل عليه الوحي كان يقوم على صدر قدميه إذا صلى فأنزل الله طه، الآية، وعنه قال: قالوا: لقد شقي هذا الرجل بربه فأنزل الله هذه الآية، وعنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل يربط نفسه بحبل لئلا ينام فأنزل الله هذه الآية، وعن علي كان يراوح بين قدميه يقوم على كل رجل حتى نزلت هذه الآية وحسن السيوطي إسناده.