للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(إن تكفروا فإن الله غني عنكم) أي غير محتاج إليكم ولا إلى إيمانكم ولا عبادتكم له، فإنه الغني المطلق.

(و) مع كون كفر الكافر لا يضره كما أنه لا ينفعه إيمان المؤمن، فهو أيضاًً (لا يرضى لعباده الكفر) أي لا يرضى لأحد من عباده الكفر، ولا يحبه، ولا يأمر به، ولا يفعل فعل الراضي بأن يأذن فيه ويقر عليه، ويثيب فاعله ويمدحه، بل يفعل فعل الساخط بأن ينهي عنه ويذم عليه، ويعاقب مرتكبه، وإن كان بإرادته إذ لا يخرج شيء عنها.

قال أبو السعود: عدم رضاه بكفر عباده لأجل منفعتهم ودفع مضرتهم، رحمة عليهم لا لتضرره تعالى به انتهى. ومثل هذه الآية قوله (إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعاً فإن الله لغني حميد) ومثلها ما ثبت في صحيح مسلم من قوله صلى الله عليه وسلم: " يا عبادي لو أن أولكم وآخركم، وإنسكم وجنكم كانوا على قلب أفجر رجل منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئاًً " (١).

وقد اختلف المفسرون في هذه الآية هل هي على عمومها؟ وأن الكفر غير مرضي لله سبحانه على كل حال كما هو الظاهر، أو هي خاصة، والمعنى لا يرضى لعباده المؤمنين الكفر، وقد ذهب إلى التخصيص حبر الأمة ابن عباس رضي الله تعالى عنه، وتابعه على ذلك عكرمة والسدي وغيرهما، ثم اختلفوا في الآية اختلافاً آخر، فقال قوم: إنه يريد كفر الكافر ولا يرضاه


(١) وتمام الحديث في مسلم ٨/ ١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>