وقال الآخرون: إنه لا يريده ولا يرضاه، والكلام في تحقيق مثل هذا يطول جداً.
وقد استدل القائلون بتخصيص هذه الآية والمثبتون للإرادة مع عدم الرضا بما ثبت في آيات كثيرة من الكتاب العزيز أنه سبحانه (يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ)(وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ) ونحو هذا مما يؤدي معناه كثير في الكتاب العزيز.
قال ابن عباس في قوله:(إن تكفروا) إلخ يعني الكفار الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم، فيقولوا لا إله إلا الله، ثم قال:(ولا يرضى لعباده الكفر) وهم عباده المخلصون، الذين قال فيهم (إن عبادي ليس لك عليهم سلطان) فألزمهم شهادة أن لا إله إلا الله، وحببها إليهم أخرجه ابن جرير فيكون عاماً في اللفظ خاصاً في المعنى، كقوله (عيناً يشرب بها عباد الله) يريد بعض العباد وقال عكرمة لا يرضى لعباده المسلمين الكفر، وعن قتادة قال، والله ما رضي الله لعبد صلاته، ولا أمره بها، ولا دعاه إليها، ولكن رضي لكم طاعته، وأمركم بها، ونهاكم عن معصيته، ثم لما ذكر سبحانه أنه لا يرضى لعباده الكفر بين أنه يرضى لهم الشكر فقال:
(وإن تشكروا يرضه لكم) أي يرضى لكم الشكر، المدلول عليه بقوله: وإن تشكروا أي يثبكم عليه، وإنما رضي لهم سبحانه الشكر لأنه سبب سعادتهم في الدنيا والآخرة. كما قال سبحانه (لئن شكرتم لأزيدنكم) لا لانتفاعه به، قرىء بإسكان الهاء من يرضه، وبإشباع الضمة على الهاء. واختلف الباقون والقراءات كلها سبعية.
(ولا تزر وازرة وزر أخرى)، أي لا تحمل نفس حاملة للوزر حمل نفس أخرى، وهذا بيان لعدم سراية كفر الكافر لغيره أصلاً، وقد تقدم تفسير هذه الآية مستوفى (ثم إلى ربكم مرجعكم) يوم القيامة (فينبئكم بما كنتم تعملون) من خير وشر، وفيه تهديد شديد (إنه عليم بذات الصدور) أي بما تضمره القلوب وتستره، فكيف بما تظهره وتبديه، وهذا تعليل بالتنبيه بالأعمال.