للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآَتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٢٦٥)

(ومثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضات الله) ابتغى معناه طلب ومرضاة مصدر رضي يرضى (وتثبيتاً) معناه يثبتون (من أنفسهم) ببذل أموالهم على الإيمان وسائر العبادات رياضة لها وتدريباً وتمريناً أو يكون التثبيت بمعنى التصديق أي تصديقاً للإسلام ناشئاً من جهة أنفسهم.

وقد اختلف السلف في معنى هذا الحرف فقال الحسن ومجاهد معناه أنهم يثبتون أن يضعوا صدقاتهم، وقال بعضهم: معناه تصديقاً ويقيناً، روي ذلك عن ابن عباس، وقيل معناه احتساباً من أنفسهم؛ قاله قتادة، وقيل معناه أن أنفسهم لها بصائر فهي تثبتهم على الإنفاق في طاعة الله تثبيتاً قاله الشعبي والسدي وابن زيد وأبو صالح، وهذا أرجح مما قبله، يقال ثبت فلاناً في هذا الأمر أثبته تثبيتاً أي صححت عزمه.

(كمثل جنة بربوة) الجنة البستان وهي أرض تنبت فيها الأشجار حتى تغطيها، مأخوذ من لفظ الجن والجنين لاستتارها، وقال أبو السعود الجنة تطلق على الأشجار الملتفة المتكاتفة وعلى الأرض المشتملة عليها، والأول أولى، لأجل قوله بربوة، والربوة بالحركات الثلاث المكان المرتفع ارتفاعاً يسيراً، وإنما خص الربوة لأن نباتها يكون أحسن من غيره مع كونه لا يصطلمه البرد في الغالب لجودته وكرمه ولطافة هوائه بهبوب الرياح الملطفة له.

قال الطبري: وهي أرض الحزن التي تستكثر العرب من ذكرها، واعترضه ابن عطية فقال: إن رياض الحزن منسوبة إلى نجد لأنها خير من رياض تهامة ونبات نجد أعطر ونسيمه أبرد وأرق، ونجد يقال لها حزن وليست هذه المذكورة هنا من ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>