للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولفظ الربوة مأخوذ من ربا يربو إذا زاد، وقال الخليل: الربوة أرض مرتفعة طيبة وقيل هي الأرض المستوية الجيدة الطيبة إذا أصابها المطر انتفخت وربت وكثر ريعها وحملت أشجارها.

(أصابها وابل) قال الخليل: الوابل المطر الشديد يقال وبلت السماء تبل والأرض موبولة، قال الأخفش: ومنه قوله تعالى (أخذاً وبيلاً) أي شديداً، وضرب وبيل وعذاب وبيل، قال بعضهم.

ما روضة من رياض الحزن معشبة ... خضراء جاد عليها وابل هطل

أراد بالحزن ما غلظ وارتفع من الأرض (فآتت أكلها) بضم الهمزة الثمرة التي تؤكل كقوله تعالى: (تؤتى أكلها كل حين) وإضافته إلى الجنة إضافة اختصاص كسرج الفرس وباب الدار (ضعفين) أي مثل ما كانت تثمر بسبب الوابل، فالمراد بالضعف المثل وقيل أربعة أمثال.

(فإن لم يصبها وابل فطل) أي فإن الطل يكفيها وهو الطش أي المطر الضعيف. الخفيف المستدق القطر، قال المبرد وغيره تقديره فطلّ يكفيها، وقال الزجاج: تقديره فالذي يصيبها طل والمراد أن الطل ينوب مناب الوابل في إخراج الثمرة ضعفين، وقال قوم: الطل الندى، وفي الصحاح الطل أضعف المطر والجمع أطلال، قال الماوردي: وزرع الطل أضعف من زرع المطر.

والمعنى أن نفقات هؤلاء زاكية عند الله لا تضيع بحال وإن كانت متفاوتة ويجوز أن يعتبر التمثيل ما بين حالهم باعتبار ما صدر عنهم من النفقة الكثيرة والقليلة، وبين الجنة المعهودة باعتبار ما أصابها من المطر الكثير والقليل، فكما أن كل واحد من المطرين يضاعف أكلها فكذلك نفقتهم جلّت أو قلت بعد أن يطلب بها وجه الله زاكية زائدة في أجورهم.

(والله بما تعملون) أي عملاً ظاهراً قلبياً (بصير) لا يخفى عليه من شيء، وفي هذا ترغيب لهم بالإخلاص مع ترهيب من الرياء ونحوه فهو وعد ووعيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>