(ومثل الذين كفروا) في اتباعهم آباءهم وتقليدهم لهم وفي ذلك نهاية الزجر لمن يسمعه عن أن يسلك مثل طريقهم في التقليد (كمثل الذي ينعق بما لا يسمع) فيه تشبيه واعظ الكافرين وداعهم وهو محمد - صلى الله عليه وسلم - بالراعي الذي ينعق بالغنم أو الإبل فلا تسمع (إلا دعاء ونداء) ولا تفهم ما يقول، هكذا فسره الزجاج والفراء وسيبويه، وبه قال جماعة من السلف، قال سيبويه: لم يشبهوا بالناعق إنما شبهوا بالمنعوق به، والمعنى مثلك يا محمد - صلى الله عليه وسلم - ومثل الذين كفروا كمثل الناعق والمنعوق به من البهائم التي لا تفهم، فحذف لدلالة المعنى عليه، وقال قطرب: المعنى مثل الذين كفروا في دعائهم ما لا يفهم يعني الأصنام كمثل الراعي إذا نعق بغنمه وهو لا يدري أين هي، وبه قال ابن جرير الطبري، وقال ابن زيد: المعنى مثل الذين كفروا في دعائهم الآلهة الجماد كمثل الصائح في جوف الليل فيجيبه الصدى فهو يصيح بما لا يسمع ويجيبه ما لا حقيقة فيه، فهذه أربعة أقوال.
وقال البيضاوي: المعنى أن الكفرة لانهماكهم في التقليد لا يلقون أذهانهم إلى ما يتلى عليهم فهم في ذلك كالبهائم التي ينعق عليها فتسمع الصوت ولا تعرف مغزاه، وتحس بالنداء ولا تفهم معناه.
وقد اختلف الناس في هذه الآية اختلافاً واضطربوا اضطراباً شديداً.
والذي لخصناه أقوال مهذبة لكل قول منها تقدير، ذكره السمين، والنعيق زجر