(إني أنا ربك) فعرف أنه كلام الله تعالى وليس هذا النداء والخطاب هو الذي وقع فيه الصعقة ودك الجبل كما تقدم ذكره في سورة الأعراف، بل هذا غيره؛ إذ هذا أول بدء رسالته، وذاك إنما كان بعد غرق فرعون حين أعطاه الله التوراة.
(فاخلع نعليك) أمره الله سبحانه بخلع نعليه تعظيماً، لأن الحفوة أبلغ في التواضع وأقرب إلى التشريف والتكريم وحسن التأدب. وقيل معناه انزعهما لتصيب قدميك بركة الوادي المقدس، والأول أولى، قيل ومن ثَم طاف السلف بالكعبة حافين.
قال النسفي: والقرآن يدل على أن ذلك احترام للبقعة وتعظيم لها، فخلعهما وألقاهما من وراء الوادي انتهى، وقيل لأنهما كانا من جلد حمار ميت أو من جلد مدبوغ، قاله علي وابن مسعود، وروي عن السدي وقتادة، وقيل معنى الخلع لهما تفريغ القلب من الأهل والمال وهو من بدع التفاسير، ثم علل سبحانه الأمر بالخلع فقال:
(إنك بالواد المقدس) أي المطهر، والمبارك والقدس الطهارة، والأرض المقدسة الطهرة، سميت بذلك لأن الله تعالى أخرج منها الكافرين وعمرها بالمؤمنين (طوى) اسم للوادي، قال الجوهري: هو اسم موضع بالشام يكسر طاؤه ويضم ويصرف ولا يصرف، فمن صرفه وجعله اسم واد ومكان جعله نكرة، ومن لم يصرفه جعله بلدة وبقعة وجعله معرفة، وقيل طوى كثني من الطي مصدر لنودي أو للمقدس، أي نودي نداءين أو قدس مرة بعد أخرى، قال ابن عباس: يعني الأرض المقدسة وذلك أنه مر بواديها ليلاً فطوى، يقال طويت وادي كذا وكذا، وقيل طوى واد مستدير عميق، مثل المطوي في استدارته.