للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هاهنا من تقريره بكونه إيماناً بالمعنى الأعم ولا بد من ذلك حتى يستقيم الكلام ويصدق عليه مسمى الإيمان.

الوجه الثاني: أن المراد بالآية المنافقون لأنهم كانوا يظهرون الإيمان ويبطنون الشرك فما كانوا يؤمنون ظاهراً إلا وهم مشركون باطناً. وروي هذا عن الحسن البصري.

الوجه الثالث: أنهم أهل الكتاب يؤمنون بكتابهم ويقلدون علماءهم في الكفر بغيره ويقولون المسيح ابن الله وعزير ابن الله، فهم يؤمنون بما أنزل الله على أنبيائهم حال كونهم مشركين.

الوجه الرابع: أن المقصود بذلك ما كان يقع في تلبية العرب من قولهم لبيك لا شريك لك إلا شريكاً هو لك، فقد كانوا في هذه التلبية يؤمنون بالله وهم مشركون. روي نحو ذلك عن ابن عباس.

الوجه الخامس: أن المراد بهذه الآية المراؤون من هذه الأمة لأن الرياء هو الشرك المشار إليه بقوله صلى الله عليه وسلم: " الشرك أخفى في أمتي من دبيب النمل " (١) فالمراؤون آمنوا بالله حال كونهم مشركين بالرياء. وأخرج أحمد في السند من حديث محمود بن لبيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " أن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر، قالوا وما الشرك الأصغر يا رسول الله؟ قال الرياء (٢)، يقول الله يوم القيامة: إذا جزى الناس بأعمالهم اذهبوا إلى الذين كنتم تراؤون في الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم جزاء ".

الوجه السادس: أن المراد بالآية من نسي ربه في الرخاء وذكره عند الشدائد روى ذلك عن عطاء، وفيه أنه لا يصدق على ذلك أنه آمن بالله حال كونه مشركاً إلا أن يجعل مجرد نسيان الذكر والدعاء عند الرخاء شركاً مجازاً كأنه بنسيانه وتركه للدعاء قد عبد إلهاً آخر وهو بعيد، على أنه لا يمكن


(١) صحيح الجامع الصغير/٣٦٢٤.
(٢) أحمد بن حنبل ٥/ ٤٢٨ - ٤٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>