وبين غضب الله ولعنته له وإعداده له عذاباً عظيماً، وليس وراء هذا التشديد تشديد، ولا مثل هذا الوعيد وعيد.
وقد اختلف العلماء هل لقاتل العمد من توبة أم لا؟ فروى البخاري عن سعيد بن جبير قال: اختلف فيها علماء أهل الكوفة فرحلت فيها إلى ابن عباس فسألته عنها فقال: نزلت هذه الآية (ومن يقتل مؤمناً متعمداً) وهي آخر ما نزل وما نسخها شيء، وقد روى النسائي عنه وعن زيد بن ثابت نحوه.
وممّن ذهب إلى أنه لا توبة له من السلف أبو هريرة وعبد الله بن عمرو وأبو سلمة وعبيد بن عمير والحسن وقتادة والضحاك بن مزاحم نقله ابن أبي حاتم عنه.
وذهب الجمهور إلى أن التوبة منه مقبولة واستدلوا بمثل قوله تعالى (إن الحسنات يذهبن السيئآت) وقوله (وهو الذي يقبل التوبة عن عباده) وقوله (ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) وقوله (وإني لغفار لمن تاب).
قالوا أيضاً: والجمع ممكن بين آية النساء هذه وآية الفرقان فيكون معناهما: فجزاؤه جهنم إلا من تاب لا سيما وقد اتحد السبب وهو القتل والموجب وهو التوعّد بالعقاب.
واستدلوا أيضاً بالحديث المذكور في الصحيحين عن عبادة بن الصامت أنه - صلى الله عليه وسلم - قال:" تبايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئاً ولا تزنوا ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق " ثم قال: فمن أصاب من ذلك شيئاً فستره الله فهو إلى الله إن شاء عفا عنه وإن شاء عذبه (١)، وبحديث أبي هريرة الذي أخرجه مسلم في صحيحه وغيره في الذي قتل مائة نفس.