(العابدون) أي القائمون بما أمروا به من عبادة الله مع الإخلاص (الحامدون) الذين يحمدون الله سبحانه على كل حال في السراء والضراء ويقومون بشكره على جميع نعمه دنيا وأخرى (السائحون) السياحة في اللغة أصلها الذهاب على وجه الأرض كما يسيح الماء وهي مما يعين العبد على الطاعة لانقطاعه عن الخلق ولا يحصل له من الاعتبار بالتفكر في مخلوقات الله سبحانه، فالسياحة لها أثر عظيم في تهذيب النفس وتحسين أخلاقها.
وفي القاموس السياحة بالكسر الذهاب في الأرض للعبادة ومنه المسيح بن مريم، وذكرت في اشتقاقه خمسين قولاً في شرحي لمختصر البخاري، والسائح الصائم الملازم للسياحة، قيل هم الصائمون، وإليه ذهب جمهور المفسرين، وبه قال ابن مسعود ومنه قوله تعالى؛ (عابدات سائحات) وإنما قيل للصائم سائح لأنه يترك اللذات كلها كما يترك السائح في الأرض، قاله سفيان بن عيينة.
وقال الأزهري: سمي الصائم سائحاً لأن الذي يسيح في الأرض متعبداً لا زاد معه فكان ممسكاً عن الأكل، وكذلك الصائم ممسك عنه، قال الزجاج: ومذهب الحسن أن السائحين هنا هم الذين يصومون الفرض، وقيل أنهم الذين يديمون الصيام، وقال عطاء: السائحون هم الغزاة والمجاهدون، وقال عبد الرحمن بن زيد: هم المهاجرون، وقال عكرمة: هم الذين يسافرون لطلب الحديث، وقيل هم الحائرون بأفكارهم في توحيد ربهم وملكوته وما خلق من العبر، وقيل هم طلبة العلم مطلقاً لأنهم ينتقلون من بلد إلى بلد في طلبه ويسيحون في الأرض يطلبونه من مظانه ويدخل فيه طالب الحديث دخولاً أولياً.
(الراكعون الساجدون) معناه المصلون المحافظون على الصلوات، وعبر