للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بالكسر على هذا حسنة وإن كانت شاذة " ومن " لابتداء الغاية وقيل لبيان الجنس.

(تعرفهم) أي تعرف فقرهم (بسيماهم) أي برثاثة ثيابهم من الضرّ وصفرة ألوانهم من الجوع وضعف أبدانهم من الفقر وكل ما يشعر بالفقر والحاجة، وقيل التواضع والخضوع، والأول أولى، والخطاب إما لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو لكل من يصلح للمخاطبة، والسيما مقصورة العلامة وقد تمد وهي مقلوبة لأنها مشتقة من الوسم فهى من السمة أي العلامة.

(لا يسألون الناس إلحافاً) الإلحاف الإلحاح في المسئلة وهو مشتق من اللحاف سمى بذلك لاشتماله على وجوه الطلب في المسئلة كاشتمال اللحاف على التغطية، والمعنى أنهم لا يسألونهم البتة لا سؤال إلحاح ولا سؤال غير إلحاح، وبه قال الطبري والزجاج وإليه ذهب جمهور المفسرين.

ووجهه أن التعفف صفة ثابتة لهم لاتفارقهم ومجرد السؤال ينافيها، وقيل المراد أنهم إذا سألوا سألوا بتلطف ولا يلحفون في سؤالهم، وهذا وإن كان هو الظاهر من توجه النفي إلى القيد دون المقيد لكن صفة التعفف تنافيه، وأيضاً كون الجاهل بهم يحسبهم أغنياء لا يكون إلا مع عدم السؤال البتة.

وثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " ليس المسكين الذي ترده التمرة والتمرتان واللقمة واللقمتان، إنما المسكين الذي يتعفف، واقرؤا إن شئتم لا يسألون الناس إلحافاً (١) ".

وقد ورد في تحريم المسئلة أحاديث كثيرة إلا من ذي سلطان أو في أمر لا يجد منه بداً.

(وما تنفقوا من خير فإن الله به عليم) أي يعلم مقادير الإنفاق يجازي عليه وفيه حث على الصدقة والإنفاق في الطاعة لا سيما على هؤلاء.


(١) صحيح الجامع الصغير ٥٢٥٩ و٥٢٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>