(وينزل عليكم من السماء ماء) هذا المطر كان بعد النعاس وقيل قبله، وحكى الزجاج أن الكفار يوم بدر سبقوا المؤمنين إلى ماء بدر فنزلوا عليه، وبقي المؤمنون لا ماء لهم فأنزل الله المطر ليلة بدر.
والذي في سيرة ابن إسحق وغيره أن المؤمنين هم الذين سبقوا إلى ماء بدر وأنه منع قريشاً من السبق إلى الماء مطر عظيم، ولم يصب المسلمين منه إلا ما شد لهم دهس الوادى وأعانهم على المسير، وقال مجاهد: المطر أنزله الله عليهم قبل النعاس فأطفأ بالمطر الغبار والتبدت به الأرض وطابت به أنفسهم، وثبتت به أقدامهم.
وعن عروة بن الزبير قال: بعث الله السماء وكان الوادي دهساً وأصاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه ما لبد الأرض ولم يمنعهم المسير، وأصاب قريشاً ما لم يقدروا على أن يرتحلوا معه.
(ليطهركم به) أي ليرفع عنكم الأحداث والجنابة، عن ابن عباس: أن المشركين غلبوا المسلمين في أول أمرهم على الماء فظمأ المسلمون وصلوا مجنبين محدثين، وقد قدمنا أن المشهور في كتب السير المعتمدة أن المشركين لم يغلبوا المؤمنين على الماء بل المؤمنون هم الذين غلبوا عليه من الابتداء، وهذا المروي عن ابن عباس في إسناده العوفي وهو ضعيف جداً.
(ويذهب عنكم رجز الشيطان) أي وسوسته لكم بما كان قد سبق إلى قلوبكم من الخواطر التي منها الخوف والفشل حتى كانت حالكم حال من يساق إلى الموت، والرجز في الأصل العذاب الشديد، وأريد به هنا نفس وسوسة الشيطان مجازاً لمشقتها على أهل الإيمان كما قيل كل ما اشتدت مشقته على النفوس فهو رجز.
(وليربط على قلوبكم) بالنصر واليقين فيجعلها صابرة قوية ثابتة في مواطن الحرب، والربط في اللغة الشد، وكل من صبر على أمر فقد ربط نفسه عليه، قيل لفظة على صلة كذا في الوسيط وقيل للإستعلاء أي أن القلوب