للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فتح المنغلق، والصلح الذي كان مع المشركين بالحديبية كان مشدوداً متعذراً، حتى فتحه الله، قال الزهري: لم يكن فتح أعظم من صلح الحديبية، وذلك أن المشركين اختلطوا بالمسلمين فسمعوا كلامهم، فتمكن الإسلام في قلوبهم وأسلم في ثلاث سنين خلق كثير، وكثر بهم سواد الإسلام.

قال الشعبي: لقد أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديبية ما لم يصب في غزوة، غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وبويع بيعة الرضوان، وأطعموا نخل خيبر، وبلغ الهدىُ محله، وظهرت الروم على فارس ففرح المؤمنون بظهور أهل الكتاب على المجوس، وقال الزجاج: كان في فتح الحديبية آية عظيمة، وذلك أنه نزح ماؤها ولم يبق فيها قطرة فتمضمض رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم مجه في البئر فدرت بالماء حتى شرب جميع الناس.

" وعن مجمع بن جارية الأنصاري قال: شهدنا الحديبية فلما انصرفنا منها حتى بلغنا كراع الغميم إذ الناس يوجفون الأباعر، فقال الناس بعضهم لبعض: ما للناس؟ فقالوا: أوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرجنا مع الناس نوجف، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم على راحلته عند كراع الغميم، فاجتمع الناس إليه فقرأ عليهم إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً، فقال رجل: أي رسول الله أو فتح هو؟ قال: إي والذي نفس محمد بيده، إنه لفتح، فقسمت خيبر على أهل الحديبية لم يدخل معهم فيها أحد إلا من شهد الحديبية، فقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانية عشر سهماً وكان الجيش ألفاً وخمسمائة منهم ثلثمائة فارس، فأعطى الفارس سهمين، وأعطى الراجل سهماً (١)، أخرجه أحمد وأبو داود والحاكم وصححه والبيهقي في الدلائل وغيرهم.

وعن ابن مسعود قال: " أقبلنا من الحديبية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فبينا نحن نسير إذ أتاه الوحي وكان إذا أتاه اشتد عليه فسرى عنه، وبه


(١) رواه أحمد.

<<  <  ج: ص:  >  >>