وقيل منصوب على نزع الخافض كمتاع، وقيل على الحال على أنه مصدر بمعنى المفعول أي ممتعين، وقيل على أنه مفعول لفعل دل عليه المصدر، أي تبغون متاع الحياة الدنيا.
وقد نوقش غالب هذه الأقوال في توجيه النصب، والحق الذي تقتضيه جزالة التنزيل إنما هو الوجه الأول، أما من قرأ برفع متاع فيجعله خبراً لمبتدأ، أي بغيكم متاع الحياة الدنيا ويكون على أنفسكم متعلقاً بالمصدر، والتقدير إنما بغيكم على أمثالكم والذين جنسهم جنسكم متاع الحياة الدنيا ومنفعتها التي لا بقاء لها، فيكون المراد بأنفسكم على هذا الوجه أبناء جنسهم، وعبر عنهم بالأنفس استعارة لما يدركه الجنس على جنسه من الشفقة.
وقيل ارتفاع متاع على أنه خبر ثان وقيل على أنه خبر لمبتدأ محذوف أي هو متاع كما في قوله تعالى:(إلا ساعة من نهار بلاغ) أي هذا بلاغ.
وقد نوقش أيضاً بعض هذه الوجوه في توجيه الرفع بما يطول به البحث في غير طائل، والحاصل أنه إذا جعل خبر المبتدأ على أنفسكم فالمعنى أن ما يقع من البغي على الغير هو بغي على نفس الباغي باعتبار ما يؤول إليه الأمر من الانتقام منه مجازاة على بغيه، وأن جعل الخبر متاعاً فالمراد أن بغي هذا الجنس الإنساني على بعضه بعضاً هو سريع الزوال قريب الاضمحلال كسائر أمتعة الحياة الدنيا فإنها ذاهبة عن قريب متلاشية بسرعة ليس لذلك كثير فائدة ولا عظيم جدوى.
وأخرج أبو الشيخ وابن مردويه وأبو نعيم والخطيب في تاريخه عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاث هن رواجع على أهلها: المكر والنكث والبغي، ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما بغيكم على