للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنفسكم ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله، ومن نكث فإنما ينكث على نفسه.

وعن مكحول: ثلاث من كن فيه كن عليه: المكر والبغي والنكث.

أقول أنا: وينبغي أن يلحق بهذه الثلاث التي دل القرآن على أنها تعود على فاعلها " الخدع " فإن الله يقول: (يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم) وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليه وسلم: " لو بغى جبل على جبل لاندك الباغي منهما " (١).

ثم ذكر سبحانه ما يكون على ذلك البغي من المجازاة يوم القيامة مع وعيد شديد فقال: (ثم إلينا مرجعكم) تقديم الخبر للدلالة على الثبات والقصر، والمعنى أنكم بعد هذه الحياة الدنيا ومتاعها ترجعون إلى الله سبحانه فيجازي المسيء بإساءته والمحسن بإحسانه.

(فننبئكم بما كنتم تعملون) في الدنيا من خير وشر، والمراد بذلك المجازاة كما تقول لمن أساء سأخبرك بما صنعت وفيه أشد وعيد وأفظع تهديد.

ثم لما ذكر سبحانه ما تقدم من متاع الدنيا جاء بكلام مستأنف يتضمن بيان حالها وسرعة تقتضيها وقصر مدة التمتع بها وقرب زمان الرجوع الموعود به، بعد أن تملأ الأعين برونقها وتخلب النفوس ببهجتها، وتحمل أهلها على أن يسفكوا دماء بعضهم بعضاً ويهتكوا حرمهم، حباً لها وعشقاً لجمالها الظاهري، وتكالباً على التمتع بها وتهافتاً على نيل ما تشتهي الأنفس منها بضرب من التشبيه المركب العجيب البديع المثال المنتظم في سلك الأمثال فقال.


(١) ضعيف الجامع الصغير ٤٨١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>