فيا عجباً لما حدث في الإسلام من طوائف يعتقدون في الأموات فإذا عرضت لهم في البحر مثل هذه الحالة دعوا الأموات ولم يخلصوا الدعاء لله كما فعله المشركون كما تواتر ذلك إلينا تواتراً يحصل به القطع.
فانظر هداك الله ما فعلت هذه الاعتقادات الشيطانية وأين وصل بها أهلها وإلى أين رمى بهم الشيطان، وكيف اقتادهم وتسلط عليهم حتى انقادوا له انقياداً ما كان يطمع في مثله ولا في بعضه من عباد الأصنام، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
واللام في (لئن أنجيتنا) هي الموطئة للقسم المحذوف على إرادة القول أي دعوا قائلين ذلك، ويجوز أن يجري دعوا الله مجرى قالوا لأن الدعاء بمعنى القول إذ هو نوع من أنواعه فتحكى به الجملة، وهو مذهب كوفي والأول هو الأولى لاستدعاء الثاني لاقتصار دعائهم على ذلك فقط.
(من هذه) أي ما وقعوا فيه من مشارفة الهلاك في البحر من الريح العاصفة والأمواج الشديدة (لنكونن) في كل حال (من الشاكرين) أي ممن يشكر نعمك التي أنعمت بها علينا منها هذه المحنة التي نحن بصدد سؤالك أن تفرجها عنا وتنجينا منها، وهذا جواب القسم وفيه من المبالغة في الدلالة على كونهم ثابتين في الشكر مثابرين عليه منتظمين في سلك المنعوتين بالشكر الراسخين فيه ما ليس في أن يقال لنشكرن.