ْفأدخل الله الأبناء الجنة بصلاح الآباء، وكان ابن عباس إذا قرأ هذه الآية إسترجع واستكان، وقيل: أراد بالإنسان الكافر، والمعنى ليس له من الخير إلا ما عمل هو، فيثاب عليه في الدنيا، بأن يوسع عليه في رزقه، ويعافى في بدنه. حتى لا يبقى له في الآخرة خير، وقيل: هو من باب العدل، وأما من باب الفضل فجائز أن يزيده الله ما يشاء من فضله وكرمه، وقيل: هذا منسوخ الحكم في هذه الشريعة، وإنما هو في صحف موسى وإبراهيم.
قال شيخ الإسلام تقي الدين أبو العباس أحمد بن تيمية (١) رحمه الله: من اعتقد أن الإنسان لا ينتفع إلا بعمله فقد خرق الإجماع، وذلك باطل من وجوه كثيرة:
أحدها: أن الإنسان ينتفع بدعاء غيره، وهو انتفاع بعمل الغير.
ثانيها: أن النبي صلى الله عليه وسلم يشفع لأهل الموقف في الحساب، ثم لأهل الجنة في دخولها.
ثالثها: لأهل الكبائر في الخروج من النار، وهذا انتفاع بسعي الغير.
رابعها: أن الملائكة يدعون ويستغفرون لمن في الأرض، وذلك منفعة بعمل الغير.
خامسها: أن الله تعالى يخرج من النار من لم يعمل خيراً قط بمحض رحمته وهذا انتفاع بغير عملهم.
سادسها: أن أولاد المؤمنين يدخلون الجنة بعمل آبائهم، وذلك انتفاع بمحض عمل الغير.
سابعها: قال تعالى في قصة الغلامين اليتيمين (وكان أبوهما صالحاً) فانتفعا بصلاح أبيهما وليس من سعيهما.
(١) غفر الله لشيخ الإسلام، فقد خالف الآية على خلاف عادته، وعلى القارىء أن يراجع الملحق الذي نشرناه في آخر سورة يس (ج ٨ ص ٥٧) ففيه رد صاحب المنار على كل ما سيذكره ابن تيمية وابن القيم.