فهي على حد قولهم لا أرينك هاهنا، والغلظة بالكسر ضد الرقة وهي لغة أسد، والفتح لغة أهل الحجاز والضم لغة تميم.
حكى أبو عمرو اللغات الثلاث وبها قرئ لكن السبعة على الكسر، والغلظة أصلها في الإجرام فاستعيرت هنا للشدة والتجلد والصبر، وقال الحسن: صبراً على جهادهم والجهاد واجب لكل الكفار وإن كان الابتداء بمن يلي المجاهدين منهم أهم وأقدم ثم الأقرب فالأقرب.
ونقل عن بعض العلماء أنه قال أنزلت هذه الآية قبل الأمر بقتال المشركين كافة فلما نزلت (وقاتلوا المشركين كافة) صارت ناسخة لهذه الآية.
وقال المحققون من العلماء: ولا وجه للنسخ فإنه تعالى أمرهم بقتالهم كافة وأرشدهم الطريق الأصوب الأصلح وهو أن يبدؤوا بقتال الأقرب فالأقرب قرباً مكانياً لا قرباً نسبياً حتى يصلوا إلى الأبعد فالأبعد، وبهذا الطريق يحصل الغرض من قتال المشركين كافة لأن قتالهم في دفعة واحدة لا يتصور، ولهذا السبب قد قاتل رسول الله صلى الله عليه وسلم أولاً قومه، ثم انتقل منهم إلى قتال سائر العرب ثم إلى قتال أهل الكتاب، وهم قريظة والنضير وخيبر وفدك، ثم انتقل إلى غزو الروم والشام فكان فتحه في زمن الصحابة ثم أنهم انتقلوا إلى العراق ثم بعد ذلك إلى سائر الأمصار لأنه إذا قاتل الأقرب أولاً تقوى بما ينال منهم من الغنائم على الأبعد.
ثم أخبرهم الله بما يقوي عزائمهم ويثبت أقدامهم فقال:(واعلموا أن الله مع المتقين) بالنصرة لهم وتأييدهم على عدوهم ومن كان الله معه لم يقم له شيء.