قال سعيد بن جبير ومجاهد: المراد بالذين ظلموا منهم الذين نصبوا القتال للمسلمين، وآذوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجادلهم بالسيف حتى يسلموا أو يعطوا الجزية. وقيل: إلا الذين أثبتوا الولد والشريك فيدخل فيه أهل الشرك وعبدة الأوثان، والآية تدل على جواز المناظرة مع الكفرة في الدين وعلى جواز تعلم علم الكفار الذي به تتحقق المجادلة الحقة بالتي هي أحسن، قال السمين: الاستثناء متصل وفيه معنيان: أحدهما: إلا الظلمة، فلا تجادلوهم البتة بل جادلوهم بالسيف والثاني: جادلوهم بغير التي هي أحسن أي: اغلظوا لهم كما اغلظوا عليكم وقرأ ابن عباس (ألا) حرف تنبيه أي: فجادلوهم:
(وقولوا) هذا تبيين لمجادلتهم بالتي هي أحسن: (آمنا بالذي أنزل إلينا) من القرآن (وأنزل إليكم) من التوراة والإنجيل، أي بأنهما منزلان من عند الله وأنهما شريعة ثابتة إلى قيام الشريعة الإسلامية، والبعثة المحمدية، ولا يدخل في ذلك ما حرفوه وبدلوه.
أخرج البخاري والنسائي وابن جرير والبيهقي وغيرهم عن أبي هريرة قال: كان أهل الكتاب يقرأون التوراة بالعبرانية ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم وقولوا: آمنا بالذي أنزل إلينا وإليكم ".
وأخرج البيهقي وأبو نصر السجزي في الإبانة عن جابر ابن عبد الله قال: قال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء فإنهم لن يهدوكم وقد ضلوا، إما أن تصدقوا بباطل أو تكذبوا بحق، والله لو كان موسى حياً بين أظهركم ما حل له إلا أن يتبعني ".
وعن ابن مسعود قال: لا تسألوا أهل الكتاب، وذكر نحو حديث جابر، ثم قال: فإن كنتم سائليهم لا محالة فانظروا ما واطأ كتاب الله فخذوه،